خطر داهم وقنبلة موقوتة أصبحت تهدد كل بيت بعد انتشار المراهنات الإلكترونية الرياضية التى تسببت فى خراب العديد من البيوت وجرائم لا حصر لها أصبحت تملأ صفحات الحوادث فى الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعى، فهناك من باع مجوهرات زوجته من أجل المراهنات وأذكر واقعة تحدثت عنها الصحف مؤخراً وهى قيام أحد موظفى نقل الودائع بأحد البنوك باختلاس 11 مليون جنيه على فترات متتالية من أجل سداد ديونه فى المراهنات.
هذا الشاب الذى لا يتعدى دخله عدة آلاف من الجنيهات شهرياً يراهن بالملايين وفى كل مرة يعتقد أنه سوف يعوّض خسارته، ودمّر بذلك مستقبله ودمر حياته.
والغريب فى الأمر أن هذه الظاهرة مر عليها فترة طويلة ولم يتناولها أحد إلى أن زادت حدتها ووصلت لدرجة أن يروِّج لها فى مواقع التواصل الاجتماعى نجم محبوب ولاعب كرة شهير وهو محمد زيدان، الذى لعب فى العديد من الدوريات الأوروبية، الأمر الذى جذب العديد من الشباب لهذه المراهنات، وحينما بلغ الأمر ذروته تحركت كافة أجهزة الدولة، وقرر «زيدان» أن ينفى عنه التهمة بالتحدث لكل القنوات الفضائية معلناً أن أخلاقه ودينه يمنعانه من فعل ذلك وأنه وقع ضحية لشركات رياضية طلبت منه تصوير إعلان للترويج لتوزيع جوائز مسابقات رياضية ليس من بينها المراهنات، وعلى الفور تحركت وزارة الشباب والرياضة وأكدت أن جميع اللوائح المنظمة لإجراءات إشهار الشركات الرياضية تمنع تماماً إشهار أى شركة يتعلق مجال عملها بالمراهنات فى كرة القدم أو غيرها.
وأما بشأن أحد المواقع الإلكترونية التى تبث من خارج مصر لممارسة المراهنات فى المجالات المختلفة، ومنها منافسات كرة القدم المصرية، تؤكد الوزارة أنه لم يسبق صدور أى قرارات تتعلق بإشهار مثل تلك الشركة، وأضافت الوزارة فى بيان لها «لقد اتخذنا عدداً من الإجراءات للتنسيق مع الجهات والمؤسسات المعنية، من أجل حجب تلك المواقع الإلكترونية، ومنع الترويج لها من خلال الأفراد أو الشركات، فضلاً عن الإحالة لجهات التحقيق الرسمية كل من يخالف ذلك، استناداً إلى أن تلك الممارسات أو المشاركة فيها أو الترويج لها من الأمور التى تخضع لنطاق الحظر والتأثيم بموجب القوانين واللوائح».
إن الكارثة يا سادة استفحلت وأصبحت خطراً يحتاج إلى تضافر جميع الجهود لمواجهته، ولا يحتاج الأمر إلى إصدار قوانين جديدة فهناك القوانين التى تقرر حبس من يمارس هذه المراهنات لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، والأمر يحتاج أيضاً إلى توعية أسرية وتوعية رجال الدين فالمال الناتج عن المراهنات يعتبر مكسباً غير مشروع، ويؤدى إلى أضرار اجتماعية وأخلاقية.
فالمراهنات فى الدين الإسلامى حُرمت على المسلمين بشكل جذرى وقاطع فى القرآن والسنة، المراهنات بكافة أشكالها، أما فى الدين المسيحى بينما لا يوجد نص مباشر يحرم المراهنات بشكل مباشر فإن المسيحية تعارض وبشدة الأنشطة التى تؤدى إلى الإدمان، إذ يعتبر المال نعمة ينبغى استخدامه فى الخير وليس إضاعته على المقامرة.
وفى الفكر اليهودى، يُنظر إلى المراهنات كأمر غير أخلاقى لأنها تستغل الآخرين وتدفع بالأفراد إلى الربح السريع دون عمل.
فالمراهنات هى نوع من أشد أنواع القمار خطورة، التى تحرمها جميع الأديان السماوية، ففى البداية يكسب المشترك جوائز مالية تدفعه إلى المواصلة ثم تبدأ الخسارة التى لا تنتهى إلا بخراب البيوت.
الخلاصة يا سادة أن المراهنات الرياضية قضية متعددة الأبعاد تجمع بين المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والدينية. ولمعالجة هذه الأزمة، يجب أن تتضافر الجهود القانونية والمجتمعية والدينية لتعزيز النزاهة الرياضية وحماية الأفراد من مخاطر الإدمان والتدهور الأخلاقى. فالرياضة، فى جوهرها، يجب أن تكون وسيلة للمتعة الصحية والنشاط البدنى، وليست ساحة لاستغلال الأفراد عبر المراهنات.
Comments on “أزمة معاصرة بين الأخلاق والقانون والدين”